خنساء العصر جريدة الوفد السنة: 22 العدد 6812 الأحد 30 ذي الحجة 1429 هـ - 28 ديسمبر 2008م الصفحة الرئيسية | للاتصال | بحث

الاخبار
اسئلة و اجابات
اقتراحات
مناقشة قضية

جريدة الوفد

السنة: 22       العدد 6812

الأحد 30 ذي الحجة 1429 هـ - 28 ديسمبر 2008م

خنساء العصر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

        بقلم: نوارة نجم: وسيم صلاح حسين، ابن الشهيد صلاح حسين الذي قتله الإقطاع عام 1966، وابن أخ الشهيد حامد حسين الذي استشهد في حرب اليمن عام 1962، بعد ولادة وسيم ابن أخيه بأيام. جد وسيم لأمه الشهيد عبد الحميد مقلد مأمور مركز سمنود الذي استشهد وهو يدافع عن عسكري مسكين، وخاله هو الشهيد أشرف مقلد الذي استشهد في حرب الاستنزاف عام 1970. واليوم، أنعي لكم الشهيد وسيم صلاح حسين، سليل الشهداء، الذي قتل مظلوماً مغدوراً ووجد جثمانه في موسكو. لا أعرف من أين أبدأ، فوسيم كان بمثابة الأخ الشقيق، تماماً كما أن والدته الفاضلة السيدة شاهندة مقلد هي أم لي. كان وسيم من بين إخوته هو الأكثر حزناً، والأكثر ألماً. كان في طفولته دائماً ما يقف في الشرفة في انتظار أبيه. لم يفهم، وهو ابن الرابعة، كيف ذهب والده إلي الله؟ وما معني أنه ذهب شهيدا إلي الله؟ وما هو الشهيد؟ وهل سيعود؟ ومتي؟ ولأنه كان يشتاق إلي أبيه، فكان لا يريد أن يفوت لحظة استقباله حين يعود من عند الله، وقضي طفولته واقفاً في الشرفة، منتظراً لحظة اللقاء. وبعد مرور السنين، ها قد حانت لحظة اللقاء يا وسيم، الآن ستقابل أباك الذي أمضيت طفولتك في انتظاره، ولابد أنه كان في انتظارك هو الآخر. تفتح وعي ناجي، ووسيم، وبسمة، أبناء الشهيد صلاح حسين، أول ما تفتح علي كلمة "شهيد": أين أبي؟

ـ شهيد.

 ـ أين خالي؟

ـ شهيد.

ـ أين عمي؟

ـ شهيد

ـ أين جدي؟

ـ شهيد.

        علمت من أمي أنها حين سألت بسمة صلاح حسين وهي طفلة عن طموحاتها حين تكبر، أجابتها الطفلة بسمة علي فور: عايزة أطلع شهيد. أما شاهندة مقلد الأخت الكبري التي كان عليها تحمل صدمة استشهاد والدها وتخفيفها عن إخوتها الصغار، وابتلاع حزنها علي ابن عمها حامد وتخفيف الألم عن زوجها، ثم لملمة نفسها وتناسي حقها في حزنها علي زوجها لمواجهة معركة مع الإقطاع قاتل صلاح حسين، ولعق جراحها وهي تستقبل جثمان أخيها، فهي الآن لابد لها أن تتماسك وهي تفقد ابنها الغالي لتسعي خلف حقه في البحث عن قاتله والقصاص العادل منه عبر القنوات الشرعية.

وكأنه كتب علي شاهندة مقلد ألا تمارس حقها الكامل في الحزن، وكأنها خنساء العصر التي عليها أن تذرف دموعها وهي تسعي وتسير وتصارع وتقاتل وتدافع وتواجه، وليس لها ما للنساء من حق الانزواء أو الانعزال، ولو بعضاً من الوقت، لتمارس حزنها بعيداً عن المعارك.

الذي حدث أن شاهندة علمت باختفاء وسيم منذ حوالي ستة أشهر، بحث عنه أخوه ناجي في موسكو وزار بيته فوجد زوجة وسيم تجلس في برود وتدعي بأن زوجها خرج ولم يعد ولا تعرف أين هو. لم تتحمل شاهندة أن تظل في مصر وابنها مختف في موسكو، فسافرت إلي حيث تستطيع أن تبحث عنه بنفسها، لكنها وجدت تراخياً مريباً، فعادت وأبرقت السيد رئيس الجمهورية الذي أخطر وزارة الخارجية المصرية بضرورة تقصي حقيقة الأمر، ثم قابلت السيد رئيس الوزراء الذي أبلغ بدوره نظيره الروسي رسالة شاهندة ـ هكذا كانت شاهندة وهكذا هي دوماً لا تهدأ في السعي وراء الحقوق ولا تهاب إلا الله ـ ولولا ذلك لما علمنا أين وسيم حتي الآن.

شاهندة علمت مكان ابنها، لكنها لم تعلم من هو قاتله، ولن تهدأ حتي يسلم إلي العدالة.

 


الصفحة الرئيسية | الاخبار | اسئلة و اجابات | اقتراحات | مناقشة قضية

يجب توجيه الأسئلة والمشكلات المتعلقة بموقع ويب هذا إلى الحملة الإعلامية لمتابعة قضية مقتل وسيم صلاح حسين.
Copyright © 2009 ‏

. كافة الحقوق محفوظة.
التعديل الأخير: 08/17/09.